Skip to main content

الْخَامِسُ وَالْعِشْرِونَ مِنْ أَيَّارَ…. يَوْمٌ تَكْسُوهُ هَيْبَةُ التَّارِيخِ وَتُعَطِّرُهُ دِمَاءُ الشُّهَدَاءِ

فِي رِحَابِ يَوْمٍ خَالِدٍ فِي ذَاكِرَةِ الْوَطَنِ، نُحْيِي الذِّكْرَى التَّاسِعَةَ وَالسَّبْعِينَ لِاسْتِقْلَالِ الْمَمْلَكَةِ الْأُرْدُنِّيَّةِ الْهَاشِمِيَّةِ، إنه الْخَامِسُ وَالْعِشْرِونَ مِنْ أَيَّارَ، يَوْمٌ تَكْسُوهُ هَيْبَةُ التَّارِيخِ وَتُعَطِّرُهُ دِمَاءُ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ صَنَعُوا الْمَجْدَ بِبُطُولَاتِهِمْ.
إِنَّهُ يَوْمُ الْإِنْعِتَاقِ مِنْ قَيْدِ الِانْتِدَابِ، وَيَوْمُ الِانْطِلَاقِ نَحْوَ سِيَادَةٍ حُرَّةٍ وَقَرَارٍ مُسْتَقِلٍّ، لِتَبْدَأَ مَسِيرَةُ وَطَنٍ شَامِخٍ بِقِيَادَةٍ هَاشِمِيَّةٍ حَكِيمَةٍ، سَطَّرَتْ بِحُرُوفٍ مِنْ نُورٍ فُصُولَ الْعِزِّ وَالْفِدَاءِ.
وَفِي ظِلِّ الْقِيَادَةِ الرَّشِيدَةِ لِجَلَالَةِ الْمَلِكِ عَبْدِاللَّهِ الثَّانِي ابْنِ الْحُسَيْنِ الْمُعَظَّمِ، وَوَلِيِّ عَهْدِهِ الْمَيْمُونِ، نُوَاصِلُ الْيَوْمَ دَرْبَ الْبِنَاءِ وَالتَّحْدِيثِ، مُتَمَسِّكِينَ بِثَوَابِتِنَا، وَمُتَشَبِّثِينَ بِقِيَمِ الْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالسَّلَامِ.

ففِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ أَيَّارَ عَامَ 1946، أَعْلَنَ الْأُرْدُنُّ اسْتِقْلَالَهُ رَسْمِيًّا عَنِ الِانْتِدَابِ الْبِرِيطَانِيِّ، بَعْدَ نِضَالٍ وَطَنِيٍّ طَوِيلٍ خَاضَهُ الْأَحْرَارُ مِنْ أَبْنَاءِ هَذَا الْوَطَنِ، وَبِقِيَادَةِ الْهَاشِمِيِّينَ الْأَبْرَارِ، الَّذِينَ صَانُوا الْأَمَانَةَ وَرَفَعُوا رَايَةَ الْعُرُوبَةِ عَالِيَةً خَفَّاقَةً.
ولَمْ يَكُنِ الِاسْتِقْلَالُ مَجَرَّدَ لَحْظَةٍ سِيَاسِيَّةٍ، بَلْ بَدَايَةَ عَهْدٍ جَدِيدٍ مِنَ السِّيَادَةِ وَالْكَرَامَةِ، فَتَفَتَّحَتْ آفَاقُ النَّهْضَةِ، وَبَدَأَتْ رِحْلَةُ بِنَاءِ الدَّوْلَةِ الْحَدِيثَةِ الَّتِي تُؤْمِنُ بِالْإِنْسَانِ كَأَغْلَى مَا تَمْلِكُ، وَتُرَسِّخُ قِيَمَ الْعَدْلِ وَالْمُسَاوَاةِ وَاحْتِرَامِ الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ.

وطِوَالَ تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ عَامًا، خَطَا الْأُرْدُنُّ خُطُوَاتٍ رَاسِخَةً فِي دُرُوبِ التَّقَدُّمِ وَالْبِنَاءِ: فَأَسَّسَ نِظَامًا تَعْلِيمِيًّا يُوَاكِبُ الْعَصْرَ، وَيَمْنَحُ أَبْنَاءَهُ فُرَصًا مُتَكَافِئَةً لِلْعِلْمِ وَالْإِبْدَاعِ.
وَارْتَقَى بِخَدَمَاتِ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ، حَتَّى غَدَا الْأُرْدُنُّ مَقْصَدًا لِلْمَرْضَى مِنْ شَتَّى الْأَقْطَارِ.
وَقَدْ تَبَنَّى الْأُرْدُنُّ سِيَاسَاتٍ تَنْمَوِيَّةً وَاعِيَةً، وَجَذَبَ الِاسْتِثْمَارَاتِ، وَسَعَى نَحْوَ تَنْوِيعِ مَصَادِرِ الدَّخْلِ رَغْمَ التَّحَدِّيَاتِ، وَرَسَّخَ مَبَادِئَ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، وَفَعَّلَ الْمُشَارَكَةَ الشَّعْبِيَّةَ، فِي مَشْهَدٍ سِيَاسِيٍّ يَزْهُو بِالِاسْتِقْرَارِ وَالِانْفِتَاحِ.
وَرَغْمَ الْمُحِيطِ الْمُشْتَعِلِ، وَالتَّقَلُّبَاتِ الْإِقْلِيمِيَّةِ، وَالصُّعُوبَاتِ الِاقْتِصَادِيَّةِ، صَمَدَ الْأُرْدُنُّ بِثَبَاتِ الْقِلَاعِ، بِفَضْلِ حِكْمَةِ قِيَادَتِهِ وَيَقَظَةِ شَعْبِهِ.
وَالْيَوْمَ، نَنْظُرُ إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ بِعَيْنِ الطُّمُوحِ، مُتَسَلِّحِينَ بِالْعِلْمِ وَالتِّكْنُولُوجِيَا، سَاعِينَ نَحْوَ تَنْمِيَةٍ شَامِلَةٍ وَمُسْتَدَامَةٍ تُحَقِّقُ الرَّفَاهَ لِكُلِّ الْأُرْدُنِّيِّينَ.

وفِي يَوْمِ الِاسْتِقْلَالِ، نَرْفَعُ الْأَكُفَّ حَمْدًا لِلَّهِ، وَنُجَدِّدُ الْعَهْدَ بِالْوَلَاءِ لِلْوَطَنِ وَالْقِيَادَةِ، وَنُقْسمُ أَنْ نَظَلَّ جُنُودًا أَوْفِيَاءَ فِي خَنْدَقِهِ الْأَوَّلِ.
إن اسْتِقْلَال الْأُرْدُنِّ لَيْسَ مَجَرَّدَ ذِكْرَى، بَلْ نِبْرَاسٌ يُهْدِي الْأَجْيَالَ، وَدَافِعٌ لِمَزِيدٍ مِنَ الْعَمَلِ وَالْإِنْجَازِ.
فَلْنَحْتَفِلْ بِهَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ فَخْرًا وَاعْتِزَازًا، وَلْنَعْمَلْ جَمِيعًا مِنْ أَجْلِ رَفْعَةِ أُرْدُنِّ الْمَجْدِ، أُرْدُنِّ الْعُرُوبَةِ، أُرْدُنِّ الْقِيَادَةِ وَالشَّعْبِ.
كُلُّ عَامٍ وَالْأُرْدُنُّ بِخَيْرٍ… كُلُّ عَامٍ وَأَنْتُمْ وَالْوَطَنُ بِأَلْفِ عِزٍّ وَفَخَارٍ.

بث مباشر SEYAHA FM 102.3 يبث الآن