
الكاتب
حسين هلالات
قال هلالات ان القطاع السياحي الأردني لا يحتاج بيانات صحفية ولا نشرات رقمية بل يحتاج الى السياسات واقعية، وإصلاحات تشريعية مرنة، ومواقف مسؤولة
ويقول الهلالات
رغم ما يُعلن من أرقام رسمية “فلكية” حول أعداد السياح الوافدين إلى الأردن، ورغم التصريحات المتفائلة التي تصدر عن الجهات المعنية بالقطاع السياحي، إلا أن الواقع على الأرض يروي قصة مختلفة تمامًا، وربما صادمة لمن لا يعرف تفاصيل المشهد.
ففي الوقت الذي تشهد فيه دول الجوار انتعاشًا سياحيًا واضحًا، وتتنافس على جذب الاستثمارات من خلال تسهيلات مدروسة وحوافز مشجعة، نجد أن الأردن – للأسف – يسير في الاتجاه المعاكس، حيث أصبح بيئة طاردة للاستثمار السياحي، لا جاذبة له.
و يضيف الهلالات
القطاع السياحي الأردني، الذي لطالما كان أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، يمر اليوم بأزمة حقيقية. الفنادق والمطاعم والمنشآت السياحية التي أنشأها أبناء الوطن بجهودهم ومدخراتهم، تعاني من ضعف الإشغال، وغياب الدعم، وعبء القوانين والأنظمة البيروقراطية التي أصبحت عائقًا أمام التطوير والتعافي. والأخطر من ذلك، غياب الإرادة السياسية الجادة للتعامل مع هذه الأزمة بشكل حقيقي.
خذوا مثلًا مدينة البتراء، التي تُعد من أعظم المواقع الأثرية على مستوى العالم، لكنها اليوم في “غرفة الإنعاش”. فنادقها تعاني من نسب إشغال منخفضة إلى حد غير مسبوق، وأصحاب المنشآت السياحية يرزحون تحت أعباء مالية وتشغيلية خانقة.
والأهم هنا، أن البتراء تختلف جذريًا عن الوجهات السياحية الأخرى في الأردن، مثل عمّان، والبحر الميت، والعقبة، والتي تستفيد نسبيًا من السياحة العربية والمحلية. أما البتراء، فتعتمد اعتمادًا شبه كلي على السياح الأجانب، وخصوصًا من أوروبا، وأمريكا، والشرق الأقصى. ومع تراجع هؤلاء الزوار نتيجة الظروف الإقليمية، لم يكن هناك بديل داخلي لتعويض هذا الغياب.
وعن ارقام السياح يشير الهلالات الى ان
هناك ارتفاع طفيف مؤخرًا في أعداد السياح العرب القادمين إلى الأردن، ولكن هذا الارتفاع لم ينعكس فعليًا لا على الفنادق ولا على المواقع السياحية، باستثناء محافظة عجلون التي شهدت بعض الحركة المحلية، في حين بقيت باقي المناطق شبه فارغة.
وما يزيد المشهد قتامة، أن دولة رئيس الوزراء لم يلتقِ حتى اليوم بأي من ممثلي القطاع السياحي، رغم عقده اجتماعات مع أغلب القطاعات الاقتصادية الأخرى. وكأن هذا القطاع الحيوي لم يعد ضمن أولويات الحكومة، رغم أنه من أكثر القطاعات ارتباطًا بالتشغيل والنقد الأجنبي، وأسرعها تعافيًا إذا ما توفرت له الإرادة والدعم الحقيقي.
وحول اهتمام جلالة الملك بقطاع السياحة يقول الهلالات
لا بد من التذكير بأن جلالة الملك عبدالله الثاني، لطالما كان سبّاقًا في الدعوة لجلب الاستثمارات، ويدعو باستمرار إلى تعزيز التشاركية الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، انطلاقًا من إيمانه العميق بأن النهوض الاقتصادي لا يكون بيدٍ واحدة. ولكن – وللأسف – ما نراه على أرض الواقع هو أن القطاع العام لا يزال ينفرد بالقرار، دون أي تشاور أو تنسيق مع القطاع الخاص، الذي يُفترض أن يكون شريكًا في التخطيط والتنفيذ، لا متلقيًا للقرارات.
.ويختم الهلالات
إن ما يحتاجه القطاع السياحي الأردني ليس بيانات صحفية ولا نشرات رقمية، بل سياسات واقعية، وإصلاحات تشريعية مرنة، ومواقف مسؤولة، تفتح الباب لحوار صريح مع من يعيشون الأزمة، لا مع من ينظرون لها من وراء المكاتب.
إنقاذ السياحة الأردنية لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية واقتصادية عاجلة. ولعل أول خطوة في هذا الاتجاه تبدأ من اعتراف الحكومة بحجم الأزمة، والبدء فورًا بحوار تشاركي حقيقي مع أبناء القطاع، تنفيذًا لرؤية الملك وإيمانًا بمستقبل هذا الوطن