Skip to main content

المشروع الإيراني يواجه لحظة الحقيقة

الكاتب



د.منذر الحوارات

قال الدكتور الحوارات في مقاله

ان الإيرانيون مارسوا عبثاً إستراتيجياً مروّعاً بحق شعوب منطقتنا العربية خلال العقود الماضية، من أجل هدف واحد: فتح طريق العودة إلى قلب واشنطن بشروط تخدم النظام .

واضاف الحوارات

تنعقد الجولة الثالثة من المفاوضات الأميركية الإيرانية بوساطة عُمانية، وسط توقعات بإحراز تقدم مطرد، إذ انتقل النقاش إلى الجانب التقني بالتوازي مع الجوانب السياسية والأمنية، هذا هو الخبر، فبالرغم من الطابع الصفري للعلاقة بين إيران والولايات المتحدة، بمعنى كل شي أو لا شيء، والذي لأجله جيشت الميليشيات في أقطار عربية عدة لمحاربة هذا «الشيطان الأكبر»، واستماتت مع حلفائها في إطلاق الشعارات بضرورة سحقه أولا على الأرض، ثم إنهاء مشروعه الاستعماري.

كل ذلك كان قبل «طوفان الأقصى»، اما بعد فقد تخلّت إيران عن خطتها لضرب المشروع الأميركي في خاصرته الأهم، واكتفت بمشاغلته، وكان سبب هذا التحول الرعب الذي خلفه وجود البوارج الأميركية في المتوسط، والذي جعلها تدرك حقيقة قوتها وإمكاناتها، ومع قدوم ترامب، صاحب فلسفة «الضغط الأقصى» على إيران، والتي ألحقت بالاقتصاد الإيراني أضراراً كارثية، فقد عززها في عودته الثانية بمفهوم «التهديد الأقصى»، واضعاً ايران أمام خيارين إما التوصل إلى اتفاق نووي بشروط أميركية، أو مواجهة الخيار العسكري المباشر.

وفي ظل تبعثر الأوراق الإيرانية في المنطقة، بتدمير بعضها أو إضعاف بعضها الآخر، وتراجع مشروعها الإقليمي إلى مجرد محاولة البقاء، تلقى المرشد الأعلى نصيحة من أركان حكمه الإستراتيجيين، رؤساء السلطات الثلاث بضرورة الاذعان والذهاب نحو التفاوض، وقد استفاد هؤلاء من المعطيات على الأرض في لبنان، عندما تبين لهم أن مدى العمق الذي استخدمته القوات الإسرائيلية في اغتيال السيد حسن نصرالله، قادر على تدمير منشأتي فوردو ونطنز، مما أعاد المرشد الى فتوى «بالمرونة البطولية» التي أطلقها عام 2013، وهو الذي رفض قبل أشهر أي فكرة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة، واصفا إياها بأنها «ليست ذكية، ولا حكيمة، ولا شريفة»، لقد نجح مستشاروه في إقناعه أن الظروف مختلفة هذه المرة، وأن ترامب جادٌّ في تهديداته، وان النظام أصبح في خطر داهم فإن لم ينفذ ترامب العملية بنفسه فإن إسرائيل ستقوم بها، والذرائع متوافرة، تخلى المرشد عن كل تحفظاته وقرر الدخول في مفاوضات جدية حول البرنامج النووي بل ربما تشمل البرنامج الصاروخي، بل أن الاتفاق المتوقع قد يحتوي على صفقة اقتصادية ضخمة تسمح للولايات المتحدة بالاستثمار بنحو تريليون دولار في إيران.

هنا يبرز التساؤل الجوهري: لماذا لم تتخذ إيران هذه الخطوة عندما كان الخراب والدماء يُبذلان عربياً، وعندما كان مشروعها في أوجه؟ لماذا أوصلت المنطقة إلى هذا الدمار طالما أن النتيجة النهاية هي التفاوض؟ لقد تخلت إيران عن اللبنانيين، والسوريين، والفلسطينيين، بعد أن استخدمت شعوبهم أدواتٍ في مشروعها المجنون، بل إنها استخدمت قضيتي الشيعة وفلسطين كغطاء لهذا الطموح، وهو الإدعاء الذي سقط عند أول نقطة اختبار حقيقية، وكشف عن مدى رخص دماء أهل المنطقة عند الإيرانيين، وما يثبت ذلك تراجعهم السريع عندما جاء دورهم ليدافعوا عن مشروعهم ويبذلون دمهم دفاعاً عنه، لقد تراجعوا بسرعة إلى الوراء وقرروا أن دم الإيرانيين أغلى من أن يُبذل لأجل مشروع يعلم صانعوه قبل غيرهم مدى عقمه.

بث مباشر SEYAHA FM 102.3 يبث الآن