
الكاتب
احمد عوض
قال عوض ان تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية للأعوام 2025 – 2033يتطلب مراجعة جادة لآليات تنفيذ تشريعات العمل والرقابة عليها، سواء في وزارة العمل أو في مؤسسة الضمان الاجتماعي.
واضاف عوض في مقاله
أطلقت الحكومة الأردنية الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية للأعوام 2025 – 2033، استكمالاً لبرامج التحديث الثلاثة التي شملت رؤية التحديث الاقتصادي، وخطة التحديث السياسي، وخطة التحديث الإداري.
وتمثل هذه الإستراتيجية المحدثة محطة جديدة في مسار بناء منظومة شاملة ومتماسكة للحماية الاجتماعية، تنطلق من مفهوم الحقوق، وتركز على العدالة الاجتماعية، وتستهدف تمكين الأفراد والأسر من تلبية احتياجاتهم الأساسية ومواجهة الصدمات المختلفة.
تقوم الإستراتيجية الجديدة على أربع مكونات رئيسة: كرامة، تمكين، فرصة، وصمود، حيث تم إضافة محور صمود إلى المكونات الثلاثة الأساسية التي بنيت على الإستراتيجية السابقة، للاستجابة للأزمات والطوارئ.
وهي تعكس تبني سياسات حماية اجتماعية قائمة على التداخل والتكامل بين الدعم النقدي والخدمات الاجتماعية والفرص الاقتصادية.
لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في إعداد وثيقة إستراتيجية جيدة، بل في الانتقال الفعلي نحو تنفيذها، وقياس أثرها على حياة الناس، وتقييم مدى فعاليتها، وتصحيح مسارها عند الحاجة.
واردف عوض
إن أحد المفاتيح الجوهرية لنجاح هذه الإستراتيجية هو توسيع شمول مظلة الضمان الاجتماعي، وهو ما تناولته الإستراتيجية تحت مكون فرصة، ويستدعي هذا الهدف إعادة النظر جذرياً في نموذج الضمان الاجتماعي القائم منذ عام 1980، والذي يقوم على علاقة تقليدية بين “عامل” و”صاحب عمل” ضمن وظيفة دائمة وراتب شهري.
في الوقت الراهن، تغيرت طبيعة سوق العمل بشكل كبير، حيث يعمل مئات الآلاف من الأفراد في وظائف غير نمطية أو مستقلة لا تنطبق عليها الشروط التقليدية. وعليه، فإن خيار الاشتراك الاختياري لم يعد ملائماً لغالبية هؤلاء، بسبب كلفته المرتفعة، مما يتطلب تطويرا لنماذج تأمين اجتماعي جديدة أكثر مرونة وبكلف معقولة وتتناسب مع الواقع الجديد.
في السياق ذاته، لا يمكن الحديث عن حماية اجتماعية دون ضمان شروط عمل لائقة. فالمعيار الأساسي لتحقيق العدالة في سوق العمل هو احترام معايير العمل الدولية، وعلى رأسها مبدأ الأجر العادل، وساعات العمل المناسبة، وبيئة العمل الآمنة. وهذا يستدعي وقف التعديلات التراجعية المتكررة على قانون العمل، والتي غالباً ما تنتقص من حقوق العمال، وتخضع لضغوط مصالح ضيقة.
واكد عوض على ان تطوير أدوات التفتيش وتوسيع صلاحياتها، وتعزيز استقلاليتها، سيكون عاملاً حاسماً في ضمان الالتزام بالقوانين. وفي هذا الإطار، ينبغي أيضاً تفعيل دور النقابات العمالية، وإعادة النظر في نموذجها الحالي بما يتيح لها أداء دورها التمثيلي والرقابي بكفاءة واستقلالية.
الخلاصة أن الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية هي فرصة حقيقية لإعادة بناء منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن استنادا إلى أسس واضحة تقوم على توفير الحياة الكريمة بمختلف أبعادها لجميع المواطنين، وهذا يتطلب تظافر جهود جميع الأطراف: الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والنقابات. فالعبرة ليست بإطلاق الإستراتيجيات، بل بتنفيذها الفعلي ومتابعة أثرها الحقيقي على حياة الناس.