
رغم ما يُعلن من أرقام رسمية “فلكية” حول أعداد السياح الوافدين إلى الأردن، ورغم التصريحات المتفائلة التي تصدر عن الجهات المعنية بالقطاع السياحي، إلا أن الواقع على الأرض يروي قصة مختلفة تمامًا، وربما صادمة لمن لا يعرف تفاصيل المشهد.
ففي الوقت الذي تشهد فيه دول الجوار انتعاشًا سياحيًا واضحًا، وتتنافس على جذب الاستثمارات من خلال تسهيلات مدروسة وحوافز مشجعة، نجد أن الأردن – للأسف – يسير في الاتجاه المعاكس، حيث أصبح بيئة طاردة للاستثمار السياحي، لا جاذبة له.
القطاع السياحي الأردني، الذي لطالما كان أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، يمر اليوم بأزمة حقيقية. الفنادق والمطاعم والمنشآت السياحية التي أنشأها أبناء الوطن بجهودهم ومدخراتهم، تعاني من ضعف الإشغال، وغياب الدعم، وعبء القوانين والأنظمة البيروقراطية التي أصبحت عائقًا أمام التطوير والتعافي. والأخطر من ذلك، غياب الإرادة السياسية الجادة للتعامل مع هذه الأزمة بشكل حقيقي.
خذوا مثلًا مدينة البتراء، التي تُعد من أعظم المواقع الأثرية على مستوى العالم، لكنها اليوم في “غرفة الإنعاش”. فنادقها تعاني من نسب إشغال منخفضة إلى حد غير مسبوق، وأصحاب المنشآت السياحية يرزحون تحت أعباء مالية وتشغيلية خانقة.